2011-06-11

"كن لطيفاُ وإلا Be nice or else "

عرض كتاب "(كن لطيفاُ وإلا!)     (Be nice or else!)"

للوهلة الأولى التي وقع فيها نظري على عنوان هذا الكتاب لم يكن هناك حماس لمعرفة ما في داخله، لكن ما أن بدأت بقراءته حتى أصبحت أسابق الزمن وأنا أمضي بين صفحاته وعباراته لأستمتع بكل كلمة في محتواه. نعم، أنا لا أبالغ، فالكاتب ورغم أن عمله الأساسي (مصفف شعر) وليس كاتباً إلا أنه استرسل بطريقة سلسة ممتعة وهو يعرض أفكاره الجميلة من أجل حياة يسودها اللطف في كل شيء، في المنزل، في العمل، وفي الحياة عموماً.

يذكر الكاتب في كتابه العديد من التجارب لأشخاص ومؤسسات ومن بينهم هو، كان لأسلوبهم اللطيف تأثيراً كبيراً لنجاحهم في الحياة على مختلف المستويات.. وهذا ما دفعه لتأليف كتابه هذا.
في هذا العالم يجب عليك أن تكون على دراية بالحاسوب وأن تكون مفاوضاً ماهراً وأن ترتدي ملابسك بأناقةٍ عالية ولكن من الواجب عليك أيضاً أن تكون لطيفاً.
فقد تزين منزلك بأكثر الحدائق أناقةً في المنطقة، ولكنك لو أضفت حسن المعاملة فلسوف تجد أن جيرانك يبذلون جهدهم في رعاية منزلك عند غيابك.
فهيا لنواصل العمل ونعمل على تحسين سيرتنا الذاتية وتسلق السلم الوظيفي، وأثناء ذلك فلنحاول أن ننمي لدينا أهم مهارة: أن نكون اكثر لطفاً.

     يتحدث الكاتب في بداية كتابه باختصار عن العادات السيئة للأشخاص غير اللطفاء ثم يدخل مباشرةً في عالم اللطفاء ليذكر سماتهم وتصرفاتهم، ويبدأ بإرشادنا إلى الوسائل التي تسمح لنا بالانضمام إلى عالمهم الجميل هذا، بالإضافة إلى اقتراح تدريبات عملية يطلب فيها الكاتب من قارئه تطبيقها في الحياة بصورة عامة: مع الأهل، الأصدقاء وحتى مع الغرباء:

من الوسائل التي يذكرها الكاتب والتي تساعد على حسن المعاملة:
· ترديد أدعية دينية لمائة مرة في اليوم.
وقد أسعدني قراءة هذه الوسيلة، فديننا الحنيف قد أوصانا بدوام الذكر والدعاء لننعم براحة العيش، وها هو الكاتب يذكرها كإحدى الوسائل التي لها تأثيراً إيجابياً على النفسية البشرية والتي تُؤدي بالتالي إلى حسن المعاملة.. فحمدت الله تعالى.

· الاستماع إلى الأشرطة التحفيزية أثناء القيام بالأعمال المنزلية.
· قيادة سيارة نظيفة ووضع صورة للعائلة قرب عجلة القيادة، وتشغيل شريط محبب إليك. كما يقترح الكاتب على القارئ تغيير الطريق المؤدي إلى الوجهة التي يقصدها بين فترةٍ وأخرى، كتغيير مسار ذهابه إلى العمل بين الحين والآخر.
· إرسال الكثير من بطاقات ورسائل الحب القصيرة للأهل والأصدقاء.
· تقديم الهدايا للأصدقاء دون انتظار المناسبات، ولتكن الهدايا أبسط شيء يحبونه. كإهداء شريط لمرشد اجتماعي يحبه صديقك أو شريط أناشيد معينة تعلم إن صديقك يحب الاستماع إليها.
· التوقف لإلقاء التحية على عامل التنظيف في الفندق، أو على من يقودك إلى طاولتك في المطعم، أو على جامع القمامة.
· المبالغة في تدليل الإنسان لنفسه، فمثلاً: عندما يكون مزاج أحدهم على غير ما يرام، عليه أن يتناول العشاء خارج البيت مع أحد أصدقاءه.
· حذف أية برمجة سلبية للعقل، ومن الملفت للنظر أن الكاتب قد اعتبر النميمة، الغيبة ومشاهدة الأفلام العنيفة من بين وسائل البرمجة السلبية للعقل لأنه يعتقد بأنّها ستؤثّر وبطريقةٍ غير مباشرة على أسلوب الفرد وشخصيته كانعدام الرحمة مثلاً أو النقد والشجار وغيره.
وبدلاً من ذلك يطلب الكاتب أن يركز الإنسان على ما يريح قلبه من مشاهدة الأفلام الكوميدية مثلاً أو القيام بأشياءٍ تسهم في تنمية شخصيته.

أما التدريبات العملية والتي يوصي بها الكاتب قارئه ليقوم بتطبيقها عملياً بعد نهاية كل فصل كي يجرب بنفسه مدى تأثيرها الإيجابي على سلوكياته، فمنها مثلاً:
· التطوع لشراء الغداء لزميلك الذي تعلم إنه منغمسٌ في العمل.
· وضع قطعةٌ نقود معدنيةٌ في آلة البيع  وتركها لسعيد الحظ.
· عند إخراجك لسيارتك من الجراج مثلاً، ادفع رسوم السيارة التي خلفك.
· قبل أن تتعامل مع أي شخص أو موظف
(الموظف الذي يصرف المال في البنك مثلاً) انظر إليه وقل له في سرك (أحبك). فلهذا تأثيرٌ كبير على تصرف الشخص المقابل.
     (ويذكر هنا الكاتب قصة ذلك الرجل الذي دخل إلى إحدى المؤسسات ووجد أحد موظفيها يصرخ على كل من يتعامل معه من المراجعين، فوقف صاحبنا هذا في قلق وهو ينتظر نصيبه من هذه المعاملة السيئة، لكنه فجأةً تذكر تدريب كلمة (أحبك) التي كان قد سمعها في إحدى الندوات ولم يقتنع حينها بما قاله المحاضر، إلا إنه لم يجد بدّاً من استخدامها، فتقدم إلى الموظف ونظر إليه وقال له في سره (أحبك) فما كان من الموظف إلا أن استقبله أحسن استقبال وعامله بكل لطف!) فسبحان الله رب العالمين.
· عندما تشعر باكتئاب أو عدم تقدير، اذهب إلى مركزٍ تجاريٍّ وانظر إلى كل شخص تمرّ به وقل له في صمت "أتمنى لك السعادة، أتمنى لك راحة البال" حينها ستعود إلى المنزل وأنت تشعر براحةٍ كبيرة.
· اصنع لوحة أحلامك:
علق لوحة على الحائط في غرفتك واجعلها لوحة أحلامك، الصق عليها صوراً تعبر عن أهدافك وأحلامك في الحياة، مثلاً: الصق عليها صورة السيارة التي تود اقتناؤها وصورة المكان الذي تود قضاءَ الإجازةَ فيه، أو صورة المرأة الرشيقة التي تودين الحصول على مثل رشاقتها، وصورة الشركة التي تود العمل فيها.... الخ.
إن من يفكر بهذه الوسائل والتدريبات يجد إنها أفكاراً سهلةً لن تأخذ وقتاً أو جهداً ولكنها ستعود عليه بمردودٍ طيبٍ جداً، إذاً فما المانع من تجربتها؟
"إن خدمة الآخرين هي الإيجار الذي تدفعه مقابل مكان على وجه الأرض" هذه هي إحدى الحكم الجميلة التي يصدح بها الكتاب.

والجميل إن الكاتب ينوّه إلى أنّ كونَ الشخص مهذباً ولطيفاً فهذا لا يعني أن يكون شخصاً يُستهان به. فإن كنت مثلاً تجلس في سيارةٍ يسوقها شخصٌ طائشٌ وربما سيودي طيشه هذا بحياتك، فلا تسكت عن ذلك من أجل تكون لطيفاً معه، بل عليك تنبيهه ومنعه من أن يسبب لك الأذى.

في العمل:
     أما بالنسبة لتأثير حسن الأخلاق على مجال العمل الوظيفي، فلم يفوت الكاتب ذلك.. بل تجد إنه قد خصص حيزاً كبيراً يتحدث فيه عن كيفية تحقيق بيئةَ عملٍ متكاملةٍ يكون عامل اللطف فيها هو إحدى ركائزها لأهمية ذلك في نجاح العمل وتطوره حتى على مستوى المردود المادي. وقد دلل الكاتب على كلامه هذا بذكر أمثلةٍ على شركاتٍ عالميةٍ تنتهج اللطف في أسلوبها، منها شركة (The Walt Disney Company) العالمية وسلسلة المطاعم الشهيرة  ماكدونالدز(McDonald!s Corporation) بالإضافة إلى مؤسسته -التي يديرها الكاتب بنفسه- والتي تعنى بالتجميل وتصفيف الشعر.
فتلاحظ بأن الكاتب يضع مجموعة من القواعد التي تساعد على تكوين ثقافة عمل لطيفة.

من هذه القواعد:
- قاعدة "الأربع وعشرون ساعة" (وسأدع القارئ يكتشف هذه القاعدة بنفسه حينما يقرأُ الكتاب).
- قاعدة "تحرّ حقيقة الأمر".
- قاعدة "تعلّم قبل أن تعلمك الشركة".
- عقدُ جلسةٍ في غضون أربعٌ وعشرون ساعةً من وقت وقوع الخطأ.
- مناقشة جميع المخالفات بشكل سري.
- عقد اجتماعاتٍ يوميةٍ واجتماعاتٌ أسبوعيةٌ لمناقشة الهموم المالية مثلاً أو مناقشة الروح المعنوية للموظفين، مع التركيز على ما يقومون به وما بوسعهم القيام به للتحسين من حياة وخبرة الموظفين.

     ويؤكد الكاتب على ضرورة استشارة المدير لموظفيه في هذه الاجتماعات وسماع آرائهم حول أي موضوع يطرح، مثل طرح فكرة منظومة عملٍ جديدةٍ يود المدير أن تتبعها الشركة أو المؤسسة، و على موظفيه أن يبدوا آرائهم ومقترحاتهم دون خوف أو وجل.
وهنا أيضاً لم ينس الكاتب أن يطرح أفكاراً بسيطةً وجميلةً للاستمتاع بالعمل وبالتالي تقديم أفضل إنتاج.

من هذه الأفكار الجميلة:
- تشغيل موسيقى مرحة أثناء وصول الموظفين في الصباح.
- ابتكار أنشطة هزلية وبسيطة للموظفين.
- ابتكار عادات وتقاليد جماعية للموظفين مثل الذهاب إلى نزهةٍ أو حضور ندواتٍ تدريبيةٍ سوياً.
- إنشاد نشيد تشجيعي أو أغنية حماسية بعد كل اجتماع.
- وضع قائمة على الحائط معنونة ب"رايتك تفعل شيء جميل":

(هذه القائمة عبارة عن ورقة فارغة وضعها (Winn claybaugh) على الحائط في شركته ليقوم كل موظف خلال اليوم بتدوين أي موقف لطيف رآه من أحد زملاءه، مثلاً: خدمة قدمها لزميل أو لزبون، فيكتب مثلاً: "ضبطتك يا أحمد وأنت تساعد زميلك الجديد على الإلمام بنظام الشركة" فالغرض من هذه القائمة هي تشجيع الموظفين على الأعمال الحسنة والتركيز على الإيجابيات بدلاً من الانشغال بأن فلاناً طلق وفلان يعالج من الإدمان.. الخ).

ويهمس الكاتب في أذن الموظف ليقول له بأنّه بإمكانه تطبيق هذه الأفكار سراً بينه وبين زملاؤه إذا لم يكن المدير موافقاً على تطبيقها، مع الاستمرار بمحاولة إقناعه لتطبيقها.
      في المقابل يحض الكاتب على أهمية أن يكافئ الشخص من يقابلهم من أُناسٍ طيّبون، مثلاً: إرسال رسالة إلى صاحب المؤسسة أو المطعم تشكر فيها الجرسون الذي عاملك بلطف، وقس على ذلك.

ما ذكرته (غيض من فيض) وأود أن أترك القارئ ليكتشف بنفسه جمال هذا الكتاب حينما يبحر بين طياته.

يذكر إن للكاتب موقعاً الكترونياً بعنوان: www.beniceorelse.com

عن المؤلف:
- أمريكي الجنسية، في الأربعينيات من العمر.

- رجل أعمال، يعمل في مؤسسته (8000) من المنتسبين، وهو المؤسس وأحد المالكين لمدرسة (Paul Mitchell) الضخمة والمختصة بعناية الشعر وتصفيفه، والتي تملك أكثر من تسعين موقعاً في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد صنفت هذه المؤسسة من بين أفضل عشر شركات بين الأعوام (2006- 2008) حسب تصنيف (Franchise Times magazine’s)

- من أفضل المتحدثين المحفزين، ألقى الآلاف من المحاضرات. وهو مساهم منتظم لمطبوعات شبكة الانترنت في عدد من المواقع الالكترونية والتي وصلت إلى ملايين المشاركين، من هذه المواقع الالكترونية:
Healthnewsdigest.com and brandnewdad.com
- يترأس نادي "السادة" السمعي (Masters audio club) وهو برنامج شهري يعرض المقابلات، أسرار نجاح، وعروض بناء عمل من قبل أفضل الخبراء في صناعة الجمال والصالونات.

- ساعد الآلاف في تأسيس العديد من الأعمال والمشاريع وبناء ثقافة عمل ناجحة، وهو متبرع دائم للعديد من المؤسسات والمنظمات الخيرية منها: مؤسسة (City of Hope)، مؤسسة (Food 4 Africa) ومؤسسة (Breast cancer causes) وغيرها كثير.
- له كتاب آخر بعنوان " "Connecting To My Future الذي يعتبر دليلاً ناجحاً يضعك على الطريق الذي تبدع من خلاله في المهنة التي تحلم بها.
خواطر:
تساؤلات:
- أتساءل عن إمكانية تطبيقنا لبعض التدريبات التي طرحها الكاتب وعن ردة فعل الشخص المقابل؟ فمثلاً (دفع رسوم السيارة التي خلفي) هل سيرحب صاحب السيارة الذي خلفي بما فعلت؟ أم إنه سيشك في أن هناك شيئاً ما؟
- هل سيتشجع الموظفون لتطبيق ما ورد من أفكار في شركتهم لتحسين بيئة العمل مرة واثنين وثلاثة حتى يقتنع الجميع بأهميتها؟ أم إنهم سيكتفون بقول "إنّ المدير لن يوافق على ذلك" أو "إن أحداً لن يلتزم بذلك"؟
- هل توجد شركات أو مؤسسات في وطننا العربي تنتهج هذه السياسات والأنظمة في عملها؟ إذا كان الجواب نعم، فسأكون سعيدة جداً، وإن كان غير ذلك فأنا أتساءل، لماذا؟ لماذا لانطبق ذلك؟ برغم إن معظم ما ذكر في الكتاب، حضنا عليه الدين الإسلامي منذ مئات السنين وبالتالي نستطيع أن ننقل تجربتنا هذه إلى العالم ليستفيد منها؟ بدل من أن يتوصل الغرب لأسلوب الحياة السليم بعد خوضهم لتجارب عديدة ومريرة في الحياة؟
- هل يرى القارئ أن هناك بعض التدريبات التي قد طرحها الكاتب في كتابه، تتنافى مع ما أمرنا به الإسلام؟


هناك تعليقان (2) :

  1. بارك الله فيك
    هذا الكلام فى منتهى الاهميه وياريت كلنا نكون لطفاء مع الاخرين ومع كل من حولنا وايضا مع انفسنا
    فان منا كثيرا ما يظلم نفسه ثم يكتشف هذا فيطر الى ضجر نفسه اوعقابها

    ردحذف
  2. جزاك الله خيرا كيف لي الحصول على الكتاب من فضلكم اريده بصيغة pdf وشكرا

    ردحذف